
في وقت تشهد فيه المنطقة توترات غير مسبوقة على خلفية تعثر المفاوضات النووية بين الولايات المتحدة وإيران، وتصاعد احتمالات انزلاق الأوضاع نحو مواجهة عسكرية مباشرة، يجد العراق نفسه مجددًا أمام معضلة مستقبل الحشد الشعبي، وأثرها على الدولة، ووحدة القرار السيادي، والأمن الإقليمي.
وتشكل الحشد الشعبي، عام 2014 استجابة لفتوى “الجهاد الكفائي” للمرجعية، لكنه تحوّل خلال السنوات الأخيرة من قوة تعبئة شعبية إلى مؤسسة شبه عسكرية رسمية تضم مزيجًا غير متجانس من الفصائل، بعضها مرتبط بهياكل الدولة، وآخر يحتفظ بولاءات لايران، وهو ما أنتج “دولة داخل الدولة”، بات يُنظر إليه باعتباره تهديدًا هيكليًا لأمن العراق واستقراره السياسي.
وترى الولايات المتحدة ودول غربية أخرى أن سيطرة الحكومة العراقية على الحشد ضرورة ملحة سيما وانه يمثل قوة معادية للمصالح الغربية، في المقابل، ترى أطراف داخلية أن المساس بهذا التشكيل يمثل مسًّا بـ”الهوية الشيعية السياسية”، وهو ما يعقّد أي محاولة إصلاح من دون توافق شيعي داخلي.
وطرحت الحكومة العراقية مؤخرًا مشروع قانون جديد لتحديث الإطار القانوني للحشد، في محاولة لاحتواء الانفلات الداخلي ومعالجة الثغرات التي تركها قانون الفين وستة عشر، لكنّ العقبات لا تزال حاضرة، وفي مقدمتها ميزانية الحشد البالغة نحو 3.5 مليار دولار سنويًا تُصرف من دون شفافية كافية، وعدد المنتسبين الذي لا يزال غير دقيق، وقياداته الحالية المرتبطة بايران.
ويتمثل التحدي الأكبر حاليا في معالجة العلاقة غير الرسمية مع إيران، سيما مع تصاعد الحديث عن إمكانية ضربة أمريكية إسرائيلية لإيران، لتصبح بذلك الفصائل المقرّبة من طهران عنصر استهداف محتمل داخل العراق.