سياسةاخر الاخبار

قانون العفو العام بين التعديل والتطبيق

د.سيف السعدي

يعد قانون العفو العام من القوانين المهمة التي يجب اقرارها في ظل مناخ سياسي معتدل، وتفاهمات مابين الفواعل السياسية داخل تحالف إدارة الدولة للتوصل إلى التعديل النهائي ضمن معادلة المصالحة المجتمعية والتي يجب ان تتبناها حكومة السيد محمد شياع السوداني بحيث تشكلت على اساس اتفاق سياسي تضمَّن نقاط وفقرات مصيرية من ضمنها قانون العفو العام والذي يشغل الان الساحة السياسية والإعلامية والاجتماعية، بحيث يوجد تضارب بالتصريحات والمعلومات، إذ أن هناك من يتحدث عن ارسال المشروع من مجلس الوزراء إلى البرلمان، ولكن الاخير يشير إلى ان الذي وصل هو ورقة الاتفاق وليس المشروع، ومابين هذا وذاك يوجد اجماع على تمرير قانون العفو العام من قبل قوى تحالف إدارة الدولة (الإطار و السيادة و الديمقراطي) مع مراعاة وجهات النظر المختلفة حول بعض الفقرات بالتعديل، ومن نافلة القول ان الدستور العراقي أشار بالمادة (١٤) “العراقيون متساوون أمام القانون دون تمييز بسبب الجنس أو العرق أو القومية أو الأصل أو اللون أو الدين أو المذهب أو المعتقد أو الوضع الاقتصادي أو الاجتماعي”، وهذه المادة واضحة ولا يمكن السماح باي حالة انتقائية انتقامية اتجاه قضية دون اخرى على أساس الانتماء المذهبي، بل يجب ان تكون المحاسبة على أساس الفعل الذي يعده القانون وقت اقترافه جريمة كما اشارت المادة (١٩/ ثانياً)، لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص، ولا عقوبة إلا على الفعل الذي يعده القانون وقت اقترافه جريمة، كما اشارت نفس المادة (١٩/ثالثاً) من الدستور التقاضي حق مصون ومكفول للجميع، وحق الدفاع مقدس ومكفول في جميع مراحل التحقيق والمحاكمة، وفقرة خامساً من نفس المادة نصت على “المتهم بريء حتى تثبت إدانته”في محاكمة قانونية عادلة، ولكل فرد الحق في أن يعامل معاملة عادلة في الإجراءات القضائية والإدارية، وهذا ما نص عليه الدستور الذي له السمو على القوانين.

ورقة الاتفاق السياسي تضمنت في الجانب التشريعي خصوصاً في الفقرة (٤) تتعلق إجراء مراجعة قانونية لقانون العفو العام لتعريف جريمة الانتماء للتنظيمات لتشمل كل من ثبت انه (عمل في التنظيمات الارهابية أو قام بتجنيد العناصر لها أو قام باعمال إجرامية أو ساعد بأي شكل من الاشكال على تنفيذ عمل إرهابي أو وجد اسمه في سجلات التنظيمات الإرهابية)، وكذلك في النقطة (٥) اكمال تشريع قانون مكافحة الإرهاب وفقاً لقرار مجلس وزراء رقم (٨٤) لسنة (٢٠١٧) مع ادخال تعديلات تتعلق بالتعريف والشمول، هذا وقد صدر عفو عام في زمن حكومة السيد المالكي عام (٢٠٠٨) من ثم في عهد السيد العبادي صدر قانون رقم (٢٧) لسنة ٢٠١٦ ولكن من كثرة التعديلات افرغ من محتواه، ولاسيما قانون رقم (٢٧) لانه جاء في وقت كان داعش له سيطرة وسطوة تامة في بعض المناطق لذلك لم تكن هناك مطالبات بشكل واقعي من قبل الطبقة السياسية في ذلك الوقت، ولان الوضع السياسي بحاجة إلى توافق وهذا يعني مزيد من الوقت على حساب من ينتظر الافراج عنه كان الخيار هو اللجوء لتعديل قانون (٢٧) وليس تشريع قانون جديد، لذلك تم وضع هذه النقاط ضمن اتفاق سياسي ولولا هذا الاتفاق بين اطراف تحالف إدارة الدولة لما تشكلت الحكومة…

عدد النزلاء في السجون العراقية قرابة (٧٠ الف ونيف)، منهم (٩) الاف محكومين بالاعدام، يوجد في العراق (٢٩) سجن وحسب كلام نائب رئيس اللجنة القانونية النيابية عبدالكريم عبطان غالبيتها تعاني من مشكلة البنى التحتية وليست صالحة وتحتاج إلى ادامة مستمرة لان المحكوم لا يفقد انسانيته وفق القوانين والاعراف الدولية والاممية.

وهنا لابد من تحديد المشكلة التي ترافق مرحلة التحقيق وليس مرحلة المحاكمة، لذلك فإن المطالبات هي في اعادة التحقيق من قبل لجان مختصة وليس اعادة المحاكمة، لان هناك من تم انتزاع اعترافاته بالاكراه ولجنة ابو رغيف خير دليل وبشهادة الحكومة الحالية، وهناك من تم سجنه بوشاية المخبر السري لذلك مجلس القضاء الاعلى حكم على (٥٠٠) مخبر سري بسبب تضليل العدالة، وهناك من هو مسجون ولم ترفع اوراقه للقاضي، وهناك من تم اعتقاله قبيل انعقاد مؤتمر قمة بغداد في عام (٢٠١٠) كلهم من ابناء مناطق حزام بغداد لقضايا احترازية واغلبهم لغاية اليوم في السجون لماذا ؟؟، لا أعرف ، لذلك في التعديل الجديد سوف يتم التركيز على الجانب التحقيقي حتى يتم انصاف الابرياء، لان قانون العفو العام هو جزء من المصالحة الوطنية والمجتمعية ، يوجد نساء وشيوخ واطفال تنتظر اقراره.

عندما انشر مقالاتي أو اغلب مشاركاتي عبر الفضائيات والتي اتحدث بها عن قانون العفو العام اجد التفاعل والمناشدات من كل اطياف وقوميات ومذاهب العراق، لان القانون لايقتصر على مكون دون اخر، حتى اكون صريحًا اغلبها عن المتعاطين وليس التجارة وهناك من تم توريطهم من قبل اشخاص بوضع المخدرات في سيارته، أو في جيبه من ثم التبليغ عنه، واخرون لا يعلمون لماذا هم مسجونون!! ولسان الحال البريء يقول “وكم من بريء في السجون يقبع، وكم من مجرم طليق حر يعيش حياته بسعادة”، ومن باب الانصاف والعدالة هو الاجماع على اقراره لانه حق من حقوق الشعب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى