اخر الاخبار

مشكلتنا مابين أزمة إدارة وإدارة بالازمة

د.سيف السعدي

الإدارة فن وتحتاج إلى خبرات من أجل حل أي مشكلة تحصل في البلد بسبب سوء التخطيط وعدم العناية بالتوقع وانخفاض فعالية المواجهة ، أن الذي حصل منذ ٢٠٠٣ ولغاية يومنا هذا كانت مشاكل العراق تدويرية كتدوير الطبقة السياسية تماماً، بحيث لا تكاد تنتهي مشكلة إلا وجاءت اخرى اكبر منها، مثلاً ازمة الدولار من ثم المياه، والكهرباء هي الاخرى أكثر تعقيدًا ناهيك عن أزمات الوقود، مماينتج عن هذه الازمات احتقان وصدام….الخ وهذا يقودني إلى تشخيص مشاكل العراق في حالتين الاولى: لا توجد إدارة حقيقية للازمات في العراق، على العكس تماماً، إذا ما تم تشكيل لجنة لإدارة الازمة يعني تسويف تضليل، مماطلة إلى ان تأتي مشكلة اخرى وتكون الاولى طي النسيان، أي مشكلتنا الحقيقية هي أزمة إدارة وليس إدارة ازمة!!!!، لذلك فشلت الحكومات المتعاقبة في ملف الكهرباء، والماء، والخدمات، لعدم وجود إدارة حقيقية، وكلما تأتي حكومة تلغي وتغير ما عملت السابقة، لذلك نبقى ندور في نفس الحلقة دون أي تقدم، عكس البلدان الاخرى التي تسير وفق مناهج وخطط بعيدة المدى تكون بمثابة خارطة طريق لحكومات متعاقبة، وهذا ناتج عن القيادة والإدارة والتي تعكس الصورة لشعبها والعالم عن طريق الاداء والنتائج الملوموسة على ارض الواقع.

الحالة الثانية: لدينا إدارة بالازمة وهذا النمط سائد في العراق، إذ هناك ازمات مفتعلة من قبل جهات سياسية وحزبية لها سلطة ونفوذ، تعتمد هذا الاسلوب من اجل صرف انظار الشعب الناقم على السلطة والطبقة السياسية من مشكلة فشل إدارة ازمة خارجية أو داخلية “خارج ارادة الحكومة” إلى إدارة بالازمة “مفتعلة” للتغطية على هذا الفشل لذلك نقول أن مشاكل العراق تدويرية، على سبيل المثال ملف المياه لم تنجح الحكومات المتعاقبة بعد ٢٠٠٣ لغاية اليوم في استخدام أدواتها اتجاه تركيا وإيران، على الرغم من انها تمتلك الكثير من العوامل الدافعة والضاغطة فضلاً عن اسلوب المقايضة، اذ أن واردات العراق من تركيا سنوياً تجاوزت الخمسة وعشرون مليار دولار، فضلًا عن استثماراتها في العراق، وكذلك ملف حزب العمال الكردستاني، وتستطيع من خلال هذه الملفات التفاوض مع تركيا لزيادة الاطلاقات المائية اتجاه العراق، إلا أن الحكومة العراقية لجأت إلى حلول ترقيعية وافتعلت مشكلة مع مربي الاسماك!!! تركت جوهر المشكلة وذهبت إلى الهوامش!!!، وإيران ايضاً قطعت مياه الأنهر عن العراق (زامكان، وعباسيان، وسيروان، والوند) بحجة ان المياه لا تكفي الإيرانيين، لكن إيران احتجت وصعَّدت وثارت عندما اقدمت حكومة طالبان على قطع نهر الهلمند لنفس عذر إيران على العراق!!! وهنا اتذكر قول “لا تنه عن خلق وتأتي مثله… عارٌ عليك إذا فعلتَ عظيمُ”.

مشكلة الدولار المتجذرة حيث أصبحت هذه أشبه بالفرضية “كلما حصلت مشكلة سياسية تؤثر على الفاعل السياسي الذي يخشى الثورة الجماهيرية، كلما ظهرت مشكلة الدولار، والكهرباء للتغطية على ازمة حقيقية داخل الكتل السياسية”، وهذا يعطي مؤشر على ان ازمات العراق مستمرة واغلبها مفتعلة.
ازمة النظام السياسي في العراق هي بسبب النهج المتبع والسؤال فيها “من يحكم” وليس “كيف يحكم”، وهذا يشبه تماماً ما جاء في كتابة المجتمع المفتوح واعداؤه”كارل بوبر” فرق بين الانظمة الشمولية والليبرالية، الانظمة الشمولية الحكم عندهم واجب ليكون السؤال من يجب ان يحكم، اما الانظمة الليبرالية الحكم منهج، اي كيف يجب ان نحكم، لذلك في العراق يجب ان ينتقل الحكم من إلى كيفية الحكم، ونتحول من يجب ان يحكم إلى منهج.

القادم أسوأ ولكن هذه المرة المشاكل الخارجية سوف تكون أكثر من الداخلية، بسبب الإدارة غير الصحيحة لكثير من الملفات مما ينعكس بشكل سلبي على الخارج والداخل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى