اخر الاخباراخبار محلية

أزمة الكهرباء.. العراقيون عالقون وسط انقطاع الغاز الإيراني وتعثر الخيار التركمانستاني

 يعد إنتاج الطاقة الكهربائية في العراق أزمة واقعية يعاني منها العراقيين منذ عقود من الزمن وبات انقطاع التجهيز للمواطنين ودوائر الدولة “متلازمة” يعيشها المواطن دون حلول سوى المولدات الأهلية التي تجهزه بما يحتاجه من الكهرباء.

وعلى الرغم من توفر محطات إنتاج الكهرباء إلا أنها مرهونة بما يصلها من الغاز الإيراني، ومع محاولات الحكومة العراقية تنويع مصادر الطاقة وإبرام عقود مع تركمانستان لتأمين الغاز، إلا أن الحال لم يتغير لأسباب مجهولة.

أعمال صيانة

ويقول المتحدث باسم وزارة الكهرباء، أحمد موسى، إن “توقف إمدادات الغاز الإيراني في شهر كانون الأول/ ديسمبر الماضي جاء نتيجة أعمال الصيانة في الأنابيب الناقلة ما أثر سلباً على تجهيز الطاقة في العراق”.

ويضيف “عودة الطاقة لوضعها الطبيعي مرتبط بعودة إطلاقات الغاز الإيراني”.

ويعتمد العراق بصفة كبيرة على الغاز الإيراني لتشغيل نحو 60% من محطات الكهرباء الغازية، في حين يعتمد الباقي على الإنتاج المحلي الذي ما زال متواضعاً مقارنة بالاحتياجات المتزايدة.

وكانت وزارة الكهرباء قد وقعت عقداً مع إيران في شهر آذار/ مارس الماضي لتوريد الغاز لمدة خمس سنوات بمقدار 50 مليون متر مكعب يومياً، وتتفاوت كمياته حسب حاجة المنظومة لصالح إدامة زخم عمل محطات الإنتاج، ومواكبة ذروة الأحمال والطلب المتزايد على الطاقة الكهربائية.

ويشير موسى إلى أن “الحكومة العراقية اتجهت نحو دولة تركمانستان لسد النقص إلا أنه لغاية الآن لم يتم افتتاح اعتماد مصرفي لها وإشعار الأخيرة بذلك لتقوم بضخ الغاز عبر الآلية المتفق عليها وضلت الأموال حبيسة مصرف العراقي للتجارة لأسباب مجهولة”.

وكانت وزارة الكهرباء قد وقعت عقداً مع تركمانستان لأول مرة في 6 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، ثم وقّعت عقداً آخر بتاريخ 19 تشرين الأول/ أكتوبر من عام 2024.

وبموجب هذا الاتفاق، سيستورد العراق نحو 10 ملايين متر مكعب من الغاز التركمانستاني عبر إيران في الشتاء، و20 مليوناً في الصيف، على أن ترتفع الإمدادات في سنوات لاحقة، خاصة مع زيادة الطلب على الغاز سنوياً في العراق وعبر شركة “لوكستون إنرجي” السويسرية عبر شبكة خطوط الأنابيب الإيرانية باستخدام آلية المبادلة لتيسير النقل.

يأتي ذلك في وقت تواجه فيه إيران -التي تمتلك ثاني أكبر احتياطي من الغاز وتصنف بأنها ثالث أكبر منتج له في العالم- خلال فصل الشتاء صعوبة في توفير الغاز للقطاعات الصناعية في ظل تفاقم الاستهلاك المنزلي والتجاري والإداري.

ولسد عجز الطاقة على المستوى المحلي الإيراني، قامت السلطات المعنية في إيران بتقنين الكهرباء وقطعها بواقع ساعتين يومياً عن القطاع المنزلي، إذ أعلن نائب مدير دائرة التوزيع في شركة الكهرباء الإيرانية محسن ذبيحي عن استئناف جدولة الكهرباء بسبب عدم وصول الوقود الكافي لمحطات توليد.

الاستهلاك المحلي الإيراني

ويقول الخبير الاقتصادي ضرغام محمد علي في حديث ، إن “إيران تصدر من الفائض عن استهلاكها المحلي، إلا أن مواسم ذروة الاستهلاك في العراق وإيران متقاربة وهي في أشهر الشتاء الباردة حيث يزداد الطلب على الطاقة للتدفئة ولكون معظم إنتاج إيران من الغاز يذهب للاستهلاك المحلي”.

ويضيف “في ضوء ذلك فإن التصدير يتوقف بل أيضاً يتم استهلاك الغاز التركمانستاني الذي يستورده العراق عبر إيران لمقايضته بالغاز الإيراني الذي يستغل داخل إيران أيضاً”.

 وينفق العراق ما يقرب من أربعة مليارات دولار سنوياً على واردات الغاز والكهرباء من إيران بينما يحرق في الوقت نفسه كميات هائلة من الغاز الطبيعي كمنتج ثانوي في قطاع الهيدروكربونات.

ويعتبر العراق من بين تسع دول مسؤولة عن غالبية عمليات حرق الغاز، والتي تستحوذ على نحو نصف الإنتاج العالمي من النفط، وتفيد بيانات البنك الدولي بأن العراق هو ثاني أكثر دولة في العالم تستخدم هذه الممارسة بعد روسيا وقبل إيران والولايات المتحدة. وفي العام 2020، بلغ حجم الغاز المحترق في العراق 17.374 مليون متر مكعب.

وينتج العراق حالياً 16 ألف ميغاواط من الكهرباء وهذا أقل بكثير من حاجته المقدرة بـ24 ألف ميغاواط، وتصل إلى 30 ألفاً في فصل الصيف، فيما قد يتضاعف عدد سكانه بحلول العام 2050 ما يعني ازدياد استهلاكه للطاقة، وفق الأمم المتحدة.

“الربط غير مجدي”

ويقول الخبير الاقتصادي محمد الحسني، إن “مشاريع الربط الكهربائي التي شرع بها العراق مع دول الجوار لا تعني الاستغناء عن الغاز الإيراني، وبالتالي من الناحية العملية هذه المشاريع هي غير مجدية”.

ويبين “العراق سيحصل في حال الانتهاء من هذه المشاريع على 3000 في أحسن الأحوال في حين حاجة البلاد تبلغ أكثر من 10 آلاف ميغاواط وتزداد إلى أكثر من 15 ميغاواط في السنوات المقبلة”.

وما يزال العراق منذ تسعينيات القرن الماضي يعتمد نظام القطع المبرمج للطاقة الكهربائية جراء تدني مستويات إنتاج الطاقة الكهربائية ويعتمد الأهالي على المولدات الأهلية لسد النقص.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى