اخر الاخبارأخبار منوعة

اتفاقية خور عبدالله والجهل السياسي

كتب: د.سيف السعدي

 

من خلال المواقف والتصريحات تبيّن ان هناك جهل مركب اتجاه اتفاقية رقم (42) لسنة (2013)، يتمثل بشقين ،الاول ،جهل من قبل المسؤولين والمتحدثين الكويتيين واصرارهم على موقف يستند إلى رواية دون دراية بدستور العراق وقرار المحكمة الاتحادية العليا الذي يتمثل بعدم دستورية قانون تصديق اتفاقية الملاحة البحرية في خور عبدالله التميمي، إذ قررت في جلستها المنعقدة يوم الاثنين الموافق (4 /9 / 2023) في الدعوى المرقمة ( 105 وموحدتها 194/ اتحادية ) الحكم بعدم دستورية قانون تصديق الاتفاقية بين حكومة جمهورية العراق وحكومة دولة الكويت بشأن تنظيم الملاحة البحرية في خور عبدالله رقم (42) لسنة 2013 . بحيث أن المحكمة أصدرت قرارها بسبب مخالفة احكام المادة ( 61 / رابعاً ) من دستور جمهورية العراق التي نصت على ( تنظيم عملية المصادقة على المعاهدات والاتفاقيات الدولية بقانون يُسَّن بأغلبية ثلثي اعضاء مجلس النواب)، اي يتطلب عدد (220) نائب، إذ في جلسة التصويت على قانون الاتفاقية لم يتحقق نصاب الجلسة الدستوري، لان نواب التيار الصدري قاطعوا الجلسة مع نواب اخرين وبلغ عددهم (87) نائب مقاطع، بذلك تكون الاتفاقية غير دستورية، ولكن الجانب الكويتي يجهل تماماً مواد الدستور وقرارات المحكمة الاتحادية التي تكون باتة وملزمة للسلطات العراقية كافة، استناداً لاحكام المادة (94) من الدستور وليس من حق الكويت الاعتراض على تصحيح مسار ضمن سقف الدستور.

اما الشق الثاني يتعلق بجهل الكثير من السياسيين العراقيين والمسؤولين ، وانا اُجزم انهم لم يطلعوا على قانون الاتفاقية ولكنهم أعتمدوا على المعلومات الشفاهية وهي اخطر انواع المعلومات لانها لا تستند إلى حقيقة كاملة وانما مشوهة طبقاً لتوجهات الفاعل السياسي وضمن معادلة توظيف المعلومة لعدة عوامل للتأثير بالرأي العام، ‏الحقيقة نستغرب من تفسير الكثير منهم لقرار المحكمة الاتحادية والذي يشير إلى الغاء قانون تصديق اتفاقية رقم (42) لسنة (2013) بين العراق والكويت على أنها خاصة بترسيم الحدود!! وهذا غير صحيح، وانما هي لتنظيم الملاحة في خور عبدالله التميمي مثلما نصت المادة (1) من الاتفاقية “التعاون في تنظيم الملاحة البحرية والمحافظة على البيئة البحرية في الممر الملاحي في خور عبدالله بما يحقق مصلحة كلا الطرفين”، والمادة (6) من قانون الاتفاقية ينص على “لا تؤثر هذه الاتفاقية على الحدود بين الطرفين في خور عبدالله المقررة بموجب قرار مجلس الأمن رقم (833) لسنة 1993” اي ليس لها علاقة بترسيم الحدود مثلما يتحدث الكثير!!، بينما المادة (16) من القانون ذاته في الفقرة (2) تشير إلى “تبقى هذه الاتفاقية سارية المفعول لمدة غير محددة، ويجوز لكل طرف انهائها بإشعار كتابي إلى الطرف الاخر أمده ستة اشهر وعلى ان يتم الانهاء بموافقة الطرفين”، أمّا المادة (14) من قانون الاتفاقية يشير إلى ” أي خلاف ينشأ بين الطرفين حول تفسير أو تطبيق هذه الاتفاقية يتم تسويته ودياً بينهما من خلال المشاورات وفي حال عدم توصلها إلى اتفاق بشأن هذا الخلاف فيتم إحالته إلى المحكمة الدولية لقانون البحار”، ومواد الاتفاقية واضحة ولا تحتاج إلى تفسير بل تحتاج إلى اطلاع وقراءة لموادها ليس إلا، أمّا الحديث في وسائل الإعلام عن إعادة ترسيم ﴿ تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى ﴾، لأن أي قرار من قبل المحكمة الاتحادية أو الدولة العراقية ليس له تأثير على القرار الاممي رقم (833) ولا يمكن تغييره بقرار داخلي، لذا فإن استخدام سياسة استحمار الرأي العام بتوظيف معلومات غير دقيقة والهدف منها هو تحقيق نصر وكسب تأييد دولي لطرف على حساب طرف اخر، ضمن معادلة المسؤول العراقي في مواقع التواصل الاجتماعي هو المنقذ لشعبه عن طريق استرداد الحقوق، بالمقابل المسؤول الكويتي الذي يصور أنّ دولته تعرضت للظلم ويجب على المجتمع الدولي الوقوف معها، ولعل مقولة شكسبير تنطبق على الطرفين “من أين اتيتم بكل هذا اليقين؟؟”.

قبل كل شيء علينا ان نتحقق من المعلومات ونقرأ ونطلع قبل اصدار أي حكم بالتالي قد يكون سبباً في توتر العلاقات بسبب ديالكتيكية الطرفين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى