لماذا لا تستطيع اللقاحات الحالية إنهاء جائحة كوفيد؟ وما الحل؟
دعا عالمان في جامعة ساوث كارولاينا الأميركية إلى العمل على تطوير اللقاحات القائمة ضد مرض كوفيد-19 من أجل توفير مناعة طويلة الأمد وإنهاء الجائحة.
والعالمان المشار إليهما في مقالهما على موقع “زا كونفيرزيشن” الأميركي هما راكاش ناجاركاتي، أستاذ علم الأمراض وعلم الأحياء الدقيقة والمناعة بجامعة ساوث كارولاينا، وميتزي ناجاركاتي، أستاذ علم الأمراض وعلم الأحياء الدقيقة والمناعة بالجامعة.
وقال المقال إن اللقاحات التي تعتمد على تقنية mRNA (الرنا المرسال) ساعدت على منع دخول المستشفيات والوفاة، وتفيد تقارير بأنه في الولايات المتحدة وحدها، منعت أكثر من 2 مليون وفاة وأكثر من 17 مليون حالة دخول المستشفى.
مع ذلك، فقد فشلت في توفير مناعة وقائية طويلة الأمد للوقاية مما يسمى “العدوى الاختراقية”، أي إصابة الأشخاص بالمرض على الرغم من تطعيمهم كاملا.
وتقول منظمة الصحة العالمية إن لقاحات كوفيد-19 هي “أدوات حاسمة في الاستجابة للجائحة والحماية من المرض الوخيم والوفاة”.
وتوفر اللقاحات على الأقل بعض الحماية من العدوى وانتقال العدوى، ولكن ليس بقدر الحماية التي توفرها من الأمراض الخطيرة والوفاة، وهناك حاجة إلى مزيد من الأدلة للوقوف بدقة على مدى نجاحها في وقف العدوى وانتقالها”.
“وينبغي للأفراد، بعد حصولهم على التطعيم، أن يواصلوا اتخاذ الاحتياطات البسيطة، مثل التباعد البدني، وارتداء الكمامة، والحفاظ على التهوية الجيدة، وتجنب الحشود وتنظيف اليدين وغيرها” وفق المنظمة الدولية.
ويشير العالمان في مقالهما إلى أن فشل اللقاحات في الحماية من “العدوى الاختراقية” دفع الولايات المتحدة إلى إقرار جرعة تعزيزية ثانية فقط للأفراد الذين تبلغ أعمارهم 50 عاما أو أكبر، والأشخاص الذين يعانون من نقص المناعة.
ووافقت دول أخرى، من بينها إسرائيل والمملكة المتحدة وكوريا الجنوبية أيضا على جرعة تعزيزية ثانية.
وأعطت السلطات الصحية في الاتحاد الأوروبي موافقتها على جرعة معززة ثانية من لقاحي موديرنا وفايزر لمن تزيد أعمارهم عن 80 عاما، لكنها اعتبرت أنه من المبكر إصدار توصية بهذا الشأن للفئات الأصغر عمرا.
ومع ذلك، يبدو أن الجرعة التعزيزية الثانية لا توفر حماية طويلة الأمد ضد العدوى، وفق العالمين. ويقولان: “سيكون من الضروري إعادة تجهيز اللقاحات الموجودة لزيادة مدة الحماية من أجل المساعدة في إنهاء الوباء”.
“لكن لابد أولا فهم كيفية عمل جهاز المناعة لدينا أثناء العدوى البسيطة وكذلك أثناء الحالات الشديدة عند تطوير لقاحات أكثر استهدافا”.
ويقولان إنه عن العدوى، ينشط الجهاز المناعي نوعين رئيسيين من الخلايا المناعية، هي B و T. تنتج الخلايا البائية جزيئات بروتينية على شكل Y تسمى الأجسام المضادة، التي ترتبط بالبروتين الشوكي على سطح الفيروس، مما يمنع الفيروس من دخول الخلية وبالتالي منع العدوى.
ومع ذلك، إذا لم يتم إنتاج ما يكفي من الأجسام المضادة، يمكن للفيروس الإفلات منها وإصابة الخلايا المضيفة.
وعندما يحدث هذا، ينشط الجهاز المناعي ما يعرف بالخلايا التائية القاتلة. يمكن لهذه الخلايا التعرف على الخلايا المصابة بالفيروس فور الإصابة وتدميرها، وبالتالي منع الفيروس من التكاثر والتسبب في انتشار العدوى.
وبالتالي، “قد تساعد الأجسام المضادة في منع الالتهابات الخارقة، بينما توفر الخلايا التائية القاتلة الحماية من الأشكال الأكثر حدة للمرض” وفق المقال.
وتعتبر الخلايا البائية والخلايا التائية فريدة من نوعه، لأنها بعد أن تقدم استجابة مناعية أولية، تتحول إلى خلايا ذاكرة قد تتخلص من عدوى مستقبلية لعدة عقود.
وفي اللقاحات العادية، تساعد الجرعات المعززة على زيادة عدد الخلايا البائية والخلايا التائية التي يمكنها الاستجابة للعدوى، وكذلك تنشيط استجابة خلايا الذاكرة، وبالتالي توفير مناعة طويلة الأمد.
وفي حال لقاحات كوفيد-19، كانت الجرعة المعززة الأولى فعالة للغاية ضد العدوى، لفترة تتراوح بين أربعة إلى ستة أشهر.
ودفعت الحماية المتناقصة بعد الجرعة الثالثة الولايات المتحدة ودول أخرى إلى استخدام الجرعة التعزيزية الثانية لفئات معينة فقط.
وبالإضافة إلى عدم قدرة اللقاحات الحالية على توفير مناعة طويلة الأمد، يعتقد بعض الباحثين أن التعرض المتكرر أو المستمر للعدوى قد يسبب “الإرهاق” المناعي.
وتشير الدلائل أيضا إلى أنه في الحالات الشديدة، قد تظهر الخلايا التائية القاتلة استنفادا مناعيا، وبالتالي تكون غير قادرة على تكوين استجابة مناعية قوية
وسبب آخر لفشل لقاحات “الرنا المرسال” في إحداث استجابة مستدامة للأجسام المضادة والذاكرة قد يكون مرتبطا بمكونات تسمى “المواد المساعدة” التي تستخدم في اللقاحات التقليدية لتنشيط الأجسام المضادة.
وفي لقاحات “الرنا” يستخدم بدلا منها مواد على هيئة كرات صغيرة من الدهون تسمى الجسيمات النانوية الدهنية.
ويقول العالمان إن المرحلة التالية من تطوير اللقاح ستحتاج إلى التركيز على كيفية إطلاق استجابة طويلة الأمد للأجسام المضادة، التي من شأنها أن تستمر لمدة عام على الأقل.
وهذا الأمر يعني أن لقاحات كوفيد ستستمر وقد نحصل على جرعة سنوية مدى الحياة